بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حسن الحظ أن نيوتن لم يأكل التفاحة حين سقطت بجانبه لأنه لو فعل ذلك لما اكتشف قانون الجاذبية.. فمنذ وجد الإنسان على الأرض وهو يتساءل: لماذا تسقط الأجسام إلى الأسفل؟
ولماذا تسقط بالسرعة نفسها رغم اختلاف أوزانها؟
ولماذا تختلف سرعة الكواكب حول الشمس.. الخ
ولكن بعد سقوط التفاحة ـ وما أظنها إلا اسطورة ـ استطاع نيوتن اثبات أن قوة الجذب تقل بين الجسمين كلما ابتعد أحدهما عن الآخر. كما ثبت أن قوة الجذب تتناسب مع كتلة المادة ـ بمعنى أن من يزن على الأرض (60)كجم يصبح وزنه على القمر (10) كجم فقط لأن القمر أصغر من الأرض بست مرات!!
وتحتفظ الكواكب والأجرام بمدارات ثابتة بفضل التوازن بين الجاذبية الشمسية وقوة الطرد المركزي (الناجم عن دوران الجسم ذاته). فالأرض مثلا تدور في المسار الذي تتوازن فيه قوة جذب الشمس لها مع قوة الدوران التي تدفعها بعيداً عنها!!
ورغم تقدمنا الحالي الا أننا لا نعرف شيئاً عن ماهية الجاذبية ذاتها؛ فنحن نصف شيئا لا نعرفه ولا نراه ونكتفي بدراسة آثاره.. المشكلة ان قوى الجذب يجب أن تدرس بمعزل عن الجاذبية نفسها ـ ولا يوجد مكان في الكون بمعزل عن قوة كهذه!
* ولكن ما دخل سلم انشتين في الموضوع!!؟
كوَّن انشتين رأيه الخاص بعد سقوطه من على السلم أثناء محاولة تعديل صورة حائطية. وكما لم يحاول نيوتن أكل التفاحة لم يحاول أنشتين إعادة الصورة؛ فبعد سقوطه أخذ يحلل وقعته ولماذا سقط. وفي حين فسر نيوتن الجاذبية على أنها (قوة) تتجاذب بها المواد فسَّرها انشتين على أنها نوع من (القصور الذاتي)..
وكي نفهم ما يقصده أنشتين دعونا نتصور مجموعة من الناس في مصعد انقطع حبله وأخذ يهوي إلى الأرض بسرعة كبيرة.. فما الذي يحصل لهم حينئذ؟ الذي يحصل أنهم سيبدؤون بالارتفاع عن أرضية المصعد شيئاً فشيئاً حتى يبدؤوا السباحة في الهواء.. وسيحدث عكس ذلك لو تصورنا أن نسراً هائلاً سحب المصعد ومن فيه بسرعة كبيرة نحو الفضاء. عندها سيشعر الركاب أن قوة جذب متزايدة تشدهم نحو أرضية المصعد ـ رغم أنهم منطلقون في الفضاء حيث لا جاذبية في الأحوال العادية!!
هبوط المصعد الى الأسفل أو انطلاقه إلى الأعلى هو "قصور ذاتي" يقاوم حركة الأجسام ويشدها الى عكس اتجاهها. وتفسير أنشتين هذا يهبط "بجاذبية" نيوتن كقوة ويحولها الى مجرد خاصية فيزيائية من خصائص المادة..
أما حركة الأجرام الفضائية فتنشأ ـ حسب فهم انشتاين ـ من كون تلك الأجرام تسلك أقل الطرق مقاومة "لمنحنيات" الجاذبية التي توجد حول النجوم والأجرام الضخمة!!
.. المثير في قصة الجاذبية هو سعي العلماء الى الغائها أو عكسها.. فالوصول الى هذه المرحلة يعني قدرتنا على رفع الصواريخ "بنفخة هوا" ورفع الجبال "بلمسة إصبع". أما عكسها فيعني قدرتنا على تسيير الطائرات ودفع القاطرات وتحريك السفن بقوة زهيدة وغير مرئية